الجامع الأبيض، المسجد القديم في الناصرة الذي يقع في السوق، يعتبر مركزًا ثقافيًّا دينيًّا هامًّا في المدينة. يرمز إسم المسجد إلى الطهارة والنقاء والشفافية والبساطة وهو المغزى الرئيسي للمسجد. عدا عن كونه مكانا للعبادة للمؤمنين المسلمين، تقام فيه نشاطات تعليمية وثقافية، وشكل في الماضي مركزًا لإدارة الشؤون المدنية وعملت فيه محكمة ومدرسة. ينشر المسجد رسالة السلام والتعاون والتآخي بين الشعوب والطوائف المختلفة في الناصرة وبشكل عام. تجدر الإشارة إلى العلاقات الطيبة مع الطوائف المسيحية المختلفة في المدينة. في أيام الأعياد المسيحية يبعث المسجد وفدًا يمثله في مناسبة العيد، ويتطرق الإمام في خطبته يوم الجمعة إلى المناسبات والأعياد المسيحية. ويسعى المسجد إلى تثقيف أبنائه على قيم الخير من خلال الانخراط في سوق العمل، وهو يُدار من قبل أبناء عائلة .

تاريخ المسجد

أقيم القسم الأول من المسجد عام 1785 في أيام حاكم عكا احمد باشا الجزار، وقد كلف الشيخ عبد الله النيني مهمة البناء وإدارة شؤون سكان الناصرة والمنطقة. بسبب معارضته للحكم المصري في عهد محمد علي خلال التمرد من عام 1834، نفي النيني إلى مصر حيث تعلم في الأزهر. اصبح النيني أحد رجالات الدين الهامين بحيث أطلق عليه اسم الفاهوم، وهي العبارة التي تشير إلى العقل والفطنة والحكمة. تقديرًا له دفن عبدالله الفاهوم في الجانب الغربي من المسجد. منذ ذلك الحين وحتى اليوم فإن الجامع الأبيض هو وقف عائلي يُدار وتتم صيانته من قبل عائلة الفاهوم.

يدير المسجد اليوم بإخلاص، منذ عام 1969، عاطف الفاهوم، ابن رئيس البلدية الأول للناصرة بعد قيام الدولة، كما وهو شخص لطيف وودود، ويرحّب بتقديم الشروح للزوار حول تاريخ واهمية المكان. في السنوات الأخيرة رمّم المسجد وتم تحسين مظهره الخارجي والمنطقة المحيطة به. كذلك، في المسجد متحف صغير يحتوي على مستندات وسجلات نادرة.